أكد الباحث في العلاقات الدولية وعضو مجلس البرلمان العراقي السابق د. عمر عبدالستار لـ"الرياض" أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية كأول وجهة عربية خارجية بأن لها دلالات تاريخية.
وقال: "إن الزيارة لها دلالة كبيرة على الرغم من أن نيكسون كان أول رئيس أميركي زار المملكة في عام 1974، لكن ترامب هو أول رئيس أميركي يعلن بشكل استثنائي أنه اختار السعودية لتكون أول بلد يزوره في أول رحلة له خارج بلاده، وربما تشبه زيارة ترامب للمملكة توقيتها وأهدافها لقاء روزفلت بالملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في 14 شباط 1945 والشرق الأوسط اليوم ربما يشبه أوروبا في عام 1945، ومثلما كان الحلفاء يحيطون بهتلر أثناء لقاء الملك عبدالعزيز وروزفلت، يحيط التحالف الدولي بقيادة أميركا والإقليمي بقيادة المملكة بإيران أثناء لقاء ترامب المرتقب مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز 2017م.
وكما التقى روزفلت حينها بستالين وتشرشل في مالطا لمناقشة ترتيبات استقرار أوروبا بعد الحرب قبل لقائه بالملك عبدالعزيز، سيلتقي ترامب بعد لقاء الملك سلمان بزعماء الخليج والعرب وقادة الناتو ومجموعة السبع أيضاً لمناقشة ترتيبات الشرق الأوسط، ومثلما عاشت المملكة بعد اتفاق 1945 مشاريع عملاقة كانت ثمرة للقاء الطرفين، فإن المملكة تعيش اليوم مشاريع رؤية 2030، والفرق أن المملكة بعد 1945 عاشت عصر النفط وبعد النفط 2017 تعيش عصر ما بعد النفط، ومثلما أن المملكة كانت أول حليف اقليمي للولايات المتحدة قبل تركيا وقبل إسرائيل وقبل تشكيل الناتو، فإن المملكة لا زالت أول حليف في المنطقة للولايات المتحدة، والمتتبع لمسار تحالف الطرفين يلاحظ أنه في تطوير مستمر ولم يتغير أو ينتقص وكأنهما خططا في لقاء 1945 للقاء عام 2017، وهذا سر المخطط الاستراتيجي أنه يأتي بالمستقبل فيرسم صورته حتى إذا وصل إليه وجده، وقد ربح السعوديون بعد أكثر من 70 عاماً من تخططيهم وتحالفهم مع أميركا في حين خسر الآخرون فغرقوا في طوفان الأحداث".
وأضاف: "بأن هذه الزيارة التاريخية تأتي أهميتها من خطورة موقع المملكة الجيوسياسي والجيواقتصادي والجيو أمني، وأنها أرض الرسالة ومهبط الوحي وبلاد الحرمين، وتأتي الزيارة وقد تزعمت المملكة المنظومة الإقليمية بتحالف إسلامي عسكري ضد الإرهاب، كما تزعمت الولايات المتحدة التحالف الدولي ضد الإرهاب، وبانتظار أن يتمكن الطرفان من إزاحة ولاية الفقيه عن المنطقة وإعادة الاستقرار إليها، وشدد على أن هذه الزيارة تأتي وقد تطابقت إستراتيجية أميركا مع إستراتيجية المملكة ضد إيران التي افترقت منذ غزو أمريكا للعراق، فقد عارضت المملكة غزو العراق، وفهمت أن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تستفيد من ذلك هي إيران وهو ما حصل، وكانت المملكة قلقة من تعاون أميركا مع وكيل إيران في العراق نوري المالكي، وتوقيع اوباما مع إيران اتفاق لوزان النووي، أما وقد صححت أميركا في عهد ترامب الخطأ فسيكون لزيارته التاريخية للمملكة ما بعدها.
زيارة ولي ولي العهد
دفعت بتعجيل الزيارة
وأكد د. عبدالستار بأن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع كانت استثنائية أثمرت عن زيارة تاريخية للرئيس الأميركي الجديد ترامب، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي الأستاذ عادل الجبير حينما قال وهو يزور الولايات المتحدة "جهد جبار قام به ولي ولي العهد أثمر زيارة ترامب التاريخية للرياض".
وقال د. عبدالستار: "بأن تصريح وزير الخارجية عادل الجبير في حق ولي ولي العهد ليس تواضعاً فقط من وزير خارجية تجاه وزير الدفاع في ملف سياسة خارجية وهو من مهمات وزير الخارجية، بل هو فقه عميق من وزير الخارجية السعودي الجبير بأن المنطقة والعالم تشهد عسكرة للسياسة الخارجية، فكما أن جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي يقود بوصلة سياسة أميركا الخارجية في هذا التوقيت الحساس، فكذا ولي ولي العهد السعودي يقود بوصلة السياسة الخارجية للمملكة أيضاً، بل أن زيارة ماتيس للرياض جاءت بعد زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للبيت الأبيض، وهذا يعني أن المنطقة مقبلة على حدث جلل وعاصفة صحراء محتملة ضد أذرع ولاية الفقيه من بيروت إلى بغداد ومن دمشق إلى صنعاء، بل زاد ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فقال من المستحيل الحوار مع قوة تخطط لعودة "المهدي" ومشغولة بالتآمر للسيطرة على العالم الإسلامي، وسننقل المعركة إلى داخل إيران ولن نسمح لها بأن تجعل المعركة داخل السعودية، وأشار عبدالستار إلى أن كل السيناريوهات واردة ضد إيران سواء في نزع سلاحها النووي أو الصاروخي والاقليمي، وهي تعتمد على جواب لسؤال مفاده هل إيران مستعدة أن تتخلى عن الإرهاب وتنتقل من الثورة إلى الدولة، وهل ستوقع اتفاق لوزان اقليمي تتخلى به عن الإرهاب كما وقعت اتفاق نووي في عام 2015 ؟".
زيارة ترامب أهداف عميقة أساس نجاحها المملكة
وذكر د. عبدالستار بأن أهداف الزيارة عميقة ولكن لن تنجح دون المملكة الرائدة عربياً وإقليمياً، حيث ستعقد الزيارة ثلاث قمم في الرياض وأربع خارج الرياض، والثلاثة هي واحدة ثنائية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وثنائية مع قادة مجلس التعاون، وثالثة مع قادة عرب ومسلمين، وأربعة خارج المملكة واحدة لفلسطين وثانية للفاتيكان وثالثة لبروكسل واربعة لمجموعة السبع، وكل القمم السبعة تمهيداً لأمر قادم محتمل في الشرق الأوسط ضد ولاة الفقيه، خاصة وإيران ستشهد انتخابات رئاسية في التاسع عشر من هذا الشهر، وغم أن الانتخابات هي عبارة عن تصويت على شعبية نظام ولاية الفقيه أكثر منها انتخابات على رئيس لا يحكم، وقال: "من المرجح أن تفتح انتخابات إيران باباً قد لا يسد على ولاية الفقيه خصوصاً أن تفجرت أحداث تشبه أحداث عام 2009، كما أن من المرجح أن الترتيبات الاقليمية والدولية أصبحت جاهزة للتعامل مع حدث مثل هذا يغير الطريقة التي تعاملت بها في 2009، فإن حصل ذلك في ظل محاصرة أذرع ولاية الفقيه إقليمياً وعادت إيران إلى البند السابع بانتهاكها الاتفاق النووي وفق القرار 2231 فإن قومياتها ستتحرك ضد نظامها، وكما أشار سمو الأمير محمد بن سلمان بنقل المعركة إلى هناك وارد، حيث قال إن إيران تشكل قوة فارسية تؤلمنا، ولهذا فالتمرد الداخلي هو أخشى ما تخشاه إيران وأن تزامن مع حصار خارجي سينزع من إيران سلاحها الطائفي بعد النووي.