كان حيدر علييف شخصية سياسية متميزة، يعير أهمية خاصة لعلاقات أذربيجان مع البلدان العربية وجميع الدول الإسلامية. ونظراً لنشوء نظام عالمي جديد، كان قائد أذربيجان يوازن علاقاته بين الغرب وروسيا من جهة، وبين البلدان العربية والإسلامية من جهة أخرى مع التأكيد على هوية وانتماء بلده إلى العالم الإسلامي.
بالرغم من عمله لفترة طويلة خلال النظام الشيوعي السوفييتي حافظ حيدر علييف واهتمّ بهوية بلده الإسلامية وقيمه، وكان يبرز باهتمام كبير عادات شعبه الوطنية والأخلاقية، ويدرك في نفس الوقت بعمق الحقائق الواقعية متفهما الأحداث الجارية في العالم المعاصر.
اتخذ الزعيم القومي الأذربيجاني خطوات مهمة من أجل إخراج أذربيجان من الأزمة الشديدة التي استمرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي لعودة المجتمع إلى جذوره الأخلاقية والوطنية، وإلى جانب القيام بالمبادرات السياسية للخروج من الأزمات فإنه أسس موقفا قويا للحفاظ على القيم الإسلامية في بلاده، وبدأ يتخذ الخطوات الفعلية لتكوين وتطوير الآليات اللازمة لذلك. ومن ناحية أخرى أعدّ وبنى قاعدة اجتماعية سياسية وعلمية وثقافية وأخلاقية لعلاقات شاملة بين أذربيجان والعالم العربي والإسلامي وتوسيع وتوطيد هذه العلاقات.
يعود الفضل الاستثنائي في توسيع العلاقات بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية إلى الزعيم القومي حيدر علييف الذي قام بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية في 13 يوليو عام 1994. وقال خلال لقائه مع الصحفيين فبل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية: "حتى الآن كادت تنعدم العلاقات بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية. وبعد استقلال أذربيجان حدثت بعض المحاولات في هذا المجال، لكنها لم تؤت أي ثمار؛ نظراً لنفوذ ووزن هذا البلد على الساحة العالمية وانتمائنا إلى دين واحد وتقاليد تاريخية متشابهة، أقوم بزيارة المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين".
وقد أجرى حيدر علييف خلال هذه الزيارة محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية وأمين عام رابطة العالم الإسلامي. فقد تم التوقيع على اتفاقية عامة حول التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية والثقافية ومجالات الشباب والرياضة بين جمهورية أذربيجان والمملكة العربية السعودية خلال هذه الزيارة وتم تبني بيان مشترك حول نتائجها.
ولقد قام الرئيس حيدر علييف بزيارة المسجد الحرام وأداء مناسك العمرة ودخل الكعبة المشرفة، وأدلى بعد زيارته للمسجد النبوي معبراً عن مشاعره بكلمات قلبية: "الحمدلله! قد تحقق حلمي الذي عاش في قلبي لسنوات طويلة، لقد أثار هذا الحدث التاريخي في نفسي مشاعر عميقة، وفي قلبي طمأنينة وراحة. لقد تأملت في عظمة الخالق".
أدلى الرئيس الأذربيجاني حيدر علييف بتصريح صحفي قبل مغادرته المملكة العربية السعودية إلى وطنه واصفاً هذه الزيارة بأنها إنجاز كبير في السياسة الخارجية للبلاد قائلا: "إن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أدان عدوان أرمينيا على أذربيجان بشدة، ودعا إلى محاكمة المعتدي، وطلب انسحابه من الأراضي الأذربيجانية المحتلة وإعادة وحدة أراضيها".
وفي 11 ديسمبر عام 1997، التقى الرئيس حيدر علييف مع ولي عهد المملكة آنذاك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله على هامش القمة الإسلامية، وأعرب خلاله عن امتنانه وتقديره لقيادة المملكة العربية السعودية على المساعدات الإنسانية التي قدمتها المملكة إلى اللاجئين الأذربيجانيين، واعتبر تعاون المملكة مع أذربيجان في مجالات النفط والغاز، والاستثمارات خطوة مهمة في توسيع العلاقات الثنائية.
وبناء عليه، بدأت تتوسع العلاقات بين أذربيجان ومنظمة التعاون الإسلامي بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام السابق للمنظمة الدكتور حامد الغابد إلى باكو في شهر نوفمبر سنة 1994.
ففي شهر ديسمبر من نفس العام، شارك حيدر علييف في الدورة السابعة لمؤتمر القمة الإسلامي التي انعقدت في الدار البيضاء، وألقى كلمة فيها. وأكد بأن المهام الرئيسة لمنظمة التعاون الإسلامي تتلخص في تحقيق التضامن والوحدة في العالم الإسلامي، وتوسيع التعاون متعدد الجوانب في حل القضايا ذات الأهمية العالمية، والحفاظ على الحضارة الإسلامية، واتخاذ الخطوات السياسية والدبلوماسية المرنة في حل القضايا التي تعانى منها البلدان الإسلامية. وكان القائد الأذربيجاني يعتبر ضرورة توسيع التعاون الثنائي والإقليمي بين مختلف البلدان الإسلامية، والدفاع عن مصالح المسلمين عن طريق اتخاذ هذه البلدان موقفاً موحداً على الصعيد العالمي.
كان حيدر علييف يفكر كثيراً في مستقبل العالم الإسلامي ويرى أذربيجان جسراً بين أوروبا وآسيا، وبين الحضارتين الغربية والشرقية ويسعى لتأسيس هيكل تنموي مثالي لبلاده.
- سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة